درر الفوائد للشيخ عبدالكريم الخضير حفظه الله
--------------------------------------------------------------------------------
احرص على أن تستفيد من غيرك
إنْ استطعْتَ أنْ تكُون أنْتَ المُحدَّثْ فافعل، وهذا من باب التَّدافُع والتَّدارُؤ المعرُوف عند السَّلف، النَّاس يتسَابقُون على الكلام، وابن مسعُود يقول: "إنْ استطعْتَ أنْ تكُون أنْتَ المُحدَّثْ فافعل" أنت المُستفيد من غيرك فافعل، لكنْ هل هذا يطرد؟ يستمر الإنسان طُول عُمره يستمع للنَّاس ولا يفعل شيء؟
لا، يعني إذا وُجد الأقران الذِّين ينفعُ بعضُهم بعضاً، احرص على أنْ تكُون مُستفيد، أمَّا إذا وُجد عالم وجاهل، فيحرص أنْ يكُون هُو المُفيد العالم والمُستفيد الجاهل، ما نقول للعالم: انتظر خلِّ هذا يتكلَّم، أو نقول للكبير: انتظر خلِّ هذا يتكلَّم، لا، لكنْ إذا وُجد أقران، وكأنَّهُ يُوصي أصحابهُ وهم من طبقةٍ واحدة، وعلى درجةٍ واحدة، وكلُّ واحد عندهُ من العلم ما ينفع بهِ غيرهُ، فليحرص الإنسان على أنْ يستفيد؛ لأنْ أهم ما على الإنسان نفسُهُ، وفي هذا أيضاً كبْح لجماح كثير من النَّاس الذِّين يُريدُون أنْ يتصدَّرُوا، يُريدُون أنْ يستلمُوا المجالس دُونَ غيرهِم ، وبعض النَّاس يستلم المجلس بفائدة وبغير فائدة،
نقول: لا يا أخي، احرص على أنْ تستفيد من غيرك بِقدر الإمكان، لاسيَّما إذا وُجدْتَ مع من هُو أولى منك، أولى منك بالكلام، دعهُ يتكلم تستفيد أنت ويستفيد غيرك، أو أكبر منك سِنًّا، اترك المجال للكبير، كبير القدْر وكبير السِّن، ثُمَّ بعد ذلك إنْ وُجِد لك مجال تكلَّم، إذا وُجد عندك علم تظن اندراسهُ أو لا يحملهُ إلاَّ أنت عليك أنْ تُؤَدِّيَهُ.
المقطع من تعليق الشيخ على كتاب (العلم لأبي زهير بن أبي خيثمة)
الأدب مع المشايخ والعلماء
نريد كلمه قصيرة في الأدب مع المشايخ والعلماء.
على كل حال المشايخ -يعني أهل العلم- لهم فضلهم على الناس، و ذكر الآجري في أخلاق العلماء مثالاً يبين فيه قدر العلماء وفضلهم على الناس، فذكر أن الناس كأنهم في أرض فلاة، في واد مشتمل على حصى وشوك وسباع وهوام في ليلة مظلمة، كأنهم يسيرون في هذه الليلة المظلمة في هذا الوادي الذي يكثر فيه الشوك والأشجار المؤذية والدواب والسباع والهوام ثم بعد ذلك جاءهم من بيده مصباح فأنار لهم الطريق حتى خرجوا من هذا الوادي، ففضلهعليهم يُمثل هذا بفضل أهل العلم على سائر الناس، يعني لو تصور الإنسان أنه في بلد ما فيه من أهل العلم أحد فأشكل عليه أي مسألة من مسائل الدين كيف يعمل؟
كيف يعبد الله -جل وعلا-؟
كيف يحقق الهدف الذي من أجله وُجد دون أهل العلم؟
لا يستطيع تحقيق الهدف، وإذا أضاع الهدف خسر دنياه و أُخراه، بخلاف ما لو صار في بلد لا يجدُ من يعينه على التجارة، ولا يجد من يفتح له آفاق وأبواب للتجارة؛ فإنه حينئذ يخسر شيئاً من الدنيا و ولا يضيره هذا، فلا شك أنَّ أهل العلم لهم فضل على الناس فاحترامهم مطلوب، لكن لا يوصل بهم إلى حد الغلو، كما يوجد عند بعض الفئات وبعض المجتمعات وبعض المذاهب، يغلون في علمائهم وشيوخهم، ويصرفون لهم مما هو حق لله -جل وعلا-.
المصدر :
http://www.khudheir.com/ref/116