لم تدم فرحة غريسي واصل محمد الأمين بنجاحه الباهر في البكالوريا وتكريم الرئيس بوتفليقة طويلا، فسرعان ما تحول هاجس التخصص إلى كابوس يكاد يعصف بمستقبله بعد أن وجهه نظام حراوبية إلى تخصص تربية بدنية ورياضة وهو المعاق حركيا بنسبة مئة بالمائة.
واصل الذي زاول دراسته بثانوية الشهيد شعبان عمار المحاذية لبيته في أوقاس ولاية بجاية، بإصرار وتحدٍ كبيرين في شعبة العلوم التجريبية، تلقى صدمة قاسية في حياته الدراسية إثر رسوبه في شهادة البكالوريا 2008 نتيجة ظروف تنظيمية، رغم أنه لم يسبق له إعادة السنة مطلقا وكان حتى هذه السنة من الأوائل، وأخته مارية رفيقته الدائمة في مشواره الدراسي نالت شهادة البكالوريا بمعدل 90, 13/20 غير أنها رفضت الالتحاق بالجامعة حتى تساعد أخاها على إعادة السنة. ولأول مرة يعيد واصل السنة بمرارة لا تطاق، حيث لم يكلف المسؤولون أنفسهم عناء الرد ولو بسطر واحد على شكاويه المتكررة.
ومع ذلك لم يفقد الأمل وأعاد السنة متحديا كل الصعاب رفقة أخته، وكانت النتيجة نجاح الأخت للمرة الثانية، ونجاح واصل بمعدل 92,12/20، وكانت أكبر فرحة في حياته خاصة أنه حظي بتكريم من رئيس الجمهورية يوم 20 جويلية بقصر الشعب بالعاصمة، بعد أن احتل المرتبة الرابعة وطنيا في كل الشعب والمرتبة الأولى وطنيا في شعبة العلوم التجريبية بالنسبة لفئة ذوى الاحتياجات الخاصة. إلا أن فرحته لم تدم طويلا، حيث بدأت مرحلة التسجيلات الجامعية ليجد واصل نفسه يتعامل مع جهاز كمبيوتر يقرر مصيره دون أخذ إعاقته في الحسبان، حيث وضع تخصص الصيدلة كاختيار أول وباقي الاختيارات أضافها شكليا فقط ليقبل الكمبيوتر تسجيله لأن كل الاختيارات الأخرى لا يستطيع دراستها ولا ممارسة وظيفتها فهو معاق حركيا بنسبة مئة بالمائة، وهو يعاني من اعوجاج حاد في العمود الفقري قدره 32 درجة، بالإضافة إلى التواء في النطق وعجز تام عن الكتابة. غير أنه تفاجأ بتوجيه الكمبيوتر إلى تخصص المدرسة الوطنية العليا للهندسة المعمارية بالحراش، وبعد تقدمه بطعن لدى مصلحة التسجيلات تم توجيهه إلى اختصاص آخر وكم كانت مفاجأته كبيرة عندما وجه إلى شعبة التربية البدنية والرياضة في حين أن حلمه الوحيد هو أن يدرس صيدلة رفقة أخته رفيقته الدائمة.
وحسب ما صرح به الوالد، فإن إصرار واصل على اختصاص الصيدلة ليس من باب الأفضلية أو التميز بل من باب الضرورة لا غير، فلو كان يبحث عن شرف دخول كلية العلوم الطبية كما يحلم الكثير لأمكنه ذلك فمعدل البكالوريا 92, 12 يكفيه لدخول اختصاص الطب وجراحة الأسنان. غير أن إعاقته تفرض عليه أن يختار ما يستطيع دراسته والعمل به مستقبلا. ثم إنه بهذا الاختيار سيواصل الدراسة مع أخته التي تتكفل بنقل المحاضرات والإعانات الأخرى التي يستحيل على واصل متابعة الدراسة دونها. ويضيف الوالد أن التسجيل بالانترنت ضرورة لا نقاش فيها، إلا أن تجاهل بعض الحالات الاستثنائية ولو كانت نادرة يجعل الأمر غير جاد، فكيف لابنه المعاق حركيا بنسبة 100% أن يمنح اختيار أستاذ التربية البدنية والرياضية! إنه إقصاء لجهود واصل، وتعدٍ صارخ في حق اختيار تخصص يتناسب مع إعاقته.