أعاد التاريخ "المؤلم" نفسه مرة أخرى خلال مباراة التصفيات لمونديال جنوب إفريقيا، وأعاد نفسه أمام ذات الفريق أي منتخب زامبيا، وطال الحزن مرة أخرى الطاقم الفني وهذه المرة والدة المدرب الوطني رابح سعدان التي التحقت بالرفيق الأعلى بقلب مدينة سكيكدة ..
وكان المدرب المساعد زهير قد تعرض لحادث مؤلم مشابه عندما كان منتخبنا الوطني يباشر تحضيراته في جنوب إفريقيا، حيث أصيب بفاجعة مقتل شقيقه في حادث مرور بالجزائر، وعندما علم بالحادثة خلال مكالمة هاتفية وصلته من أهله بالجزائر غادر جوهانسبورغ .. وقال حينها اللاعبون الذين تعاطفوا معه ومنهم من ذهب معه إلى غاية المطار إنهم قرروا الفوز على زامبيا وإهداء الانتصار لروح أخ المدرب المساعد، وهو ما تحقق أمام زامبيا حيث تمكن "بوقرة وصايفي" من الوفاء بالعهد. وقد علمنا نهار أمس من محيط المدرب رابح سعدان أن كل اللاعبين من دون استثناء سواء المحليين أو المحترفين اتصلوا به هاتفيا وقدموا تعازيهم .. وعلمنا أنهم قرروا أيضا بذل قصارى جهدهم للفوز بالمباراة المقبلة التي ستجري بعد تسعة أيام من رحيل والدة المدرب الوطني رابح سعدان.. وحتى الجمهور قرر أن يتعاطف مع شيخ المدربين الذي ذرف قبل لقاء مصر دمعة حسرة عندما تذكر ما حدث له ولأبنائه بعد مونديال المكسيك عام 1986 فأثار تعاطف الملايين وجاء الفوز الكبير والتاريخي الذي وضعت خلاله الجزائر قدمها ضمن الكبار المرشحين للتأهل للمونديال وقبل نهاية التصفيات، والآن ذرف رابح سعدان دموعا حارة على فقدان والدته الحنون التي ووريت زوال أمس التراب، وكان تعاطف الناس في حي "كاميروسي" بسكيكدة أكبر من أن يوصف وهو ما أثنى عليه رابح سعدان الذي قال بالحرف الواحد "لن أنسى جميلكم".
من هي والدة سعدان؟
أربع سنوات من مرض النسيان
هي المرحومة "علجية خلفي" المدعوة خديجة توفيت وعمرها 90 سنة ..أصيبت منذ أربع سنوات بمرض "الزهايمر" أي النسيان، مما أصابها بالعجز الكامل وزاد مرض السكري في الأيام الأخيرة من معاناتها وهي أم سعدان الذي بقي يزورها باستمرار وله شقيقة منها تدعى ياسمينة البالغة من العمر 50 سنة كما له خمسة إخوة من الذكور وأختين أخريين من الأم التي جمعت جنازتها زوال أمس كل أفراد العائلة.. وتقطن الحاجة بحي كاميروسي بعمارة في الطابق الثاني وتتكون شقتها التي عاشت فيها من أربع غرف.
وكان ضمن الحضور والي ولاية سكيكدة إضافة إلى شخصيات محلية ولم يتوقف هاتف المدرب سعدان عن الرنين ومع ذلك شكر الشروق اليومي على سعيها.. أما المشرف العام على المنتخب الوطني صادي وليد فقال للشروق اليومي إن الجزائري مؤمن بالله والموت قضاء وقدر وسبق لمنتخبنا أن عاش محنة مماثلة قبل مواجهة زامبيا عندما فقد المدرب المساعد شقيقه، وقال السيد صادي إن الموت حق وتشريف الألوان الوطنية واجب ووعد بأن تلد الازمة همّة من خلال إفراح الأنصار في السادس من شهر سبتمبر خاصة أن المناصرين أكدوا زوال أمس حضورهم القوي حيث توافدوا بقوة لمساندة سعدان في محنته وذهبوا معه لتشييع أمه إلى مثواها الأخير في مقبرة "الزفزاف" التي تبعد عن قلب مدينة سكيكدة بحوالي كيلومترين.
لاعبو الخضر يلتفون حول سعدان ويعدونه بالفوز
أجمع لاعبو المنتخب الوطني الذين تحدثنا إليهم عن عزمهم تقديم ما يملكون من إمكانيات لتحقيق الفوز أمام زامبيا وإهدائه للمدرب رابح سعدان الذي فقد والدته ليلة أول أمس الجمعة. إذ قال المدافع زاوي سمير أن اللاعبين سيعملون كل ما في وسعهم لتحقيق الفوز وإهدائه لرابح سعدان الذي فقد أمه رحمها الله.
وبدوره أكد كريم متمور أنه سيسعى لتسجيل هدف في مرمى المنتخب الزامبي لإهدائه لمدربه والمساهمة في تأهل الخضر إلى مونديال جنوب إفريقيا راجيا من الله عز و جل أن يتغمد والدته بالرحمة. أما مدافع نادي بورستموث الانجليزي نذير بلحاج فأكد بأن اللاعبين في المنتخب الوطني يشكلون أسرة واحدة وأنهم يتأثرون بأي فاجعة تلم بأي لاعب أو مسير، مشيرا أنه سيبذل كل ما في وسعه لإدخال البهجة في نفوس الجزائريين وسعدان خاصة.
صايفي يُعزي سعدان باسم لاعبي المنتخب
قدم اللاعب المخضرم رفيق صايفي العزاء باسم اللاعبين الجزائريين الدوليين للمدرب الوطني رابح سعدان بعد وفاة والدته ليلة أول أمس. وقال صايفي من الدوحة القطرية حيث يتواجد مع ناديه "الخور"، إن جميع اللاعبين أحسوا بالفاجعة التي ألمت بالشيخ سعدان، ودعوا له بالصبر والسلوان، وللمرحومة بالرحمة والمغفرة.
وأشار رفيق إلى أن اللاعبين سيبذلون كل ما بوسعهم لإهداء الفوز على زامبيا لروح والدة سعدان الطاهرة ولابنها رابح، مؤكدا على أن هذا أقل شيء يُمكن تقديمه "للكوتش" الذي يحظى بمكانة غالية في قلوب جميع الجزائريين. ودعا لاعب لوريون سابقا والخور حاليا كل زملائه اللاعبين إلى وضع الفوز على "الرصاصات النحاسية" نصب أعينهم لإدخال البهجة من جديد على الشيخ سعدان وعلى الشعب الجزائري.