أولا ً: الحرص على ما يجلب الخشوع ويقويه :
1- الاستعداد للصلاة والتهيؤ لها : ويحصل ذلك بأمور منها الترديد مع المؤذن والإتيان بالدعاء المشروع بعده والدعاء بين الأذان والإقامة، وإحسان الوضوء والتسمية قبله والذكر والدعاء بعده. والاعتناء بالسواك وأخذ الزينة باللباس الحسن النظيف، و التبكير والمشي إلى المسجد بسكينة ووقار وانتظار الصلاة، وكذلك تسوية الصفوف والتراص فيها .
2- الطمأنينة في الصلاة : كان النبي يطمئن حتى يرجع كل عظم إلى موضعه.
3- تذكر الموت في الصلاة : لقوله r: اذكر الموت في صلاتك، فإن الرجل إذا ذكر الموت في صلاته لحريّ أن يحسن صلاته، وصلّ صلاة رجل لا يظن أنه يصلي غيرها .
4- تدبر الآيات المقروءة وبقية أذكار الصلاة والتفاعل معها : ولا يحصل التدبر إلا بالعلم بمعنى ما يقرأ فيستطيع التفكّر فينتج الدمع والتأثر قال الله تعالى : وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمّاً وَعُمْيَاناً الفرقان:73 .
* و مما يعين على التدبر التفاعل مع الآيات بالتسبيح عند المرور بآيات التسبيح و التعوذ عند المرور بآيات التعوذ..وهكذا. * ومن التجاوب مع الآيات التأمين بعد الفاتحة وفيه أجر عظيم، قال رسول اللهr : إذا أمَّنَ الإمام فأمِّنُوا فإنه مَن وافق تأمِينُهُ تأمين الملائكة غُفر له ما تقدم من ذنبه ـ رواه البخاري ـ وكذلك التجاوب مع الإمام في قوله سمع الله لمن حمده، فيقول المأموم: ربنا و لك الحمد وفيه أجر عظيم أيضا.
5- أن يقطّع قراءته آيةً آية : وذلك أدعى للفهم والتدبر وهي سنة النبي r ، فكانت قراءته مفسرة حرفا حرفا.
6- ترتيل القراءة وتحسين الصوت بها : لقوله تعالى : وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً [ المزمل: 4 ، ولقولهr : ] زينوا القرآن بأصواتكم فإن الصوت الحسن يزيد القرآن حسنا [ـ أخرجه الحاكم ـ .
7- أن يعلم أن الله يُجيبه في صلاته : قال : r ] قال الله عز وجل قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل، فإذا قال: الحمد لله رب العالمين قال الله: حمدني عبدي فإذا قال: الرحمن الرحيم، قال الله: أثنى عليّ عبدي، فإذا قال: مالك يوم الدين، قال الله: مجّدني عبدي، فإذا قال: إياك نعبد وإياك نستعين قال: هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل، فإذا قال: إهدنا الصراط المستقيم، صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين، قال الله: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل [ .
8- الصلاة إلى سترة والدنو منها : من الأمور المفيدة لتحصيل الخشوع في الصلاة الاهتمام بالسترة والصلاة إليها، وللدنو من السترة فوائد منها:
* كَف البصر عما وراءه ، و منع من يجتاز بقربه... و منع الشيطان من المرور أو التعرض لإفساد الصلاة قال عليه الصلاة والسلام : ]إذا صلى أحدكم إلى سترة فليدن منها حتى لا يقطع الشيطان عليه صلاته [ ـ رواه أبو داود ـ.
9- وضع اليمنى على اليسرى على الصّدر : كان النبي r : ] إذا قام في الصلاة وضع يده اليمنى على اليسرى و كان يضعهما على الصدر ، و الحكمة في هذه الهيئة أنها صفة السائل الذليل وهو أمنع من العبث وأقرب إلى الخشوع. [
10- النظر إلى موضع السجود : لما ورد عن عائشة أن رسول اللهr : ] إذا صلى طأطأ رأسه و رمى ببصره نحو الأرض ، أما إذا جلس للتشهد فإنه ينظر إلى أصبعه المشيرة وهو يحركها كما صح عنه[ r .
11- تحريك السبابة : قال النبيr : ]لهي أشد على الشيطان من الحديد [، و الإشارة بالسبابة تذكّر العبد بوحدانية الله تعالى والإخلاص في العبادة وهذا أعظم شيء يكرهه الشيطان نعوذ بالله منه.
12- التنويع في السور والآيات والأذكار والأدعية في الصلاة : وهذا يُشعر المصلي بتجدد المعاني، ويفيده ورود المضامين المتعددة للآيات والأذكار فالتنويع من السنّة وأكمل في الخشوع.
13- أن يأتي بسجود التلاوة إذا مرّ بموضعه : قال تعالى : ]وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً[ الإسراء:109 ، وقال تعالى: ] إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَن خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيّاً [ مريم: 58 ، قال رسول الله r : ]إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد، اعتزل الشيطان يبكي، يقول: يا ويلي، أمر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة، وأمرت بالسجود فأبيت فلي النار [ رواه مسلم.
14- الاستعاذة بالله من الشيطان : الشيطان عدو لنا ومن عداوته قيامه بالوسوسة للمصلي كي يذهب خشوعه ويلبِّس عليه صلاته. و الشيطان بمنزلة قاطع الطريق، كلما أراد العبد السير إلى الله تعالى، أراد قطع الطريق عليه، فينبغي للعبد أن يثبت و يصبر، ويلازم ما هو فيه من الذكر و الصلاة و لا يضجر فإنه بملازمة ذلك ينصرف عنه كيد الشيطان ] إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً [ النساء : 76.
15- التأمل في حال السلف في صلاتهم : كان علي بن أبي طالب إذا حضرت الصلاة يتزلزل و يتلون وجهه فقيل له: ما لك؟ فيقول: جاء والله وقت أمانة عرضها الله على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها و أشفقن منها و حملتُها. و كان سعيد التنوخي إذا صلى لم تنقطع الدموع من خديه على لحيته.
16- معرفة مزايا الخشوع في الصلاة : ومنها قوله r : ]ما من امرئ مسلم تحضره صلاة مكتوبة فيحسن وضوءها و خشوعها و ركوعها، إلا كانت كفارة لما قبلها من الذنوب ما لم تؤت كبيرة ، و ذلك الدهر كله[ رواه مسلم.
17- الاجتهاد بالدعاء في مواضعه في الصلاة وخصوصا في السجود: قال تعالى: ] ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً[ الأعراف: 55 ، وقال نبينا الكريمr : ]أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء [رواه مسلم.
18- الأذكار الواردة بعد الصلاة : فإنه مما يعين على تثبيت أثر الخشوع في القلب وما حصل من بركة الصلاة.
ثانياً: دفع الموانع والشواغل التي تصرف عن الخشوع وتكدِّر صفوه:
19- إزالة ما يشغل المصلي من المكان : عن أنس قال: كان قِرام ( ستر فيه نقش وقيل ثوب ملوّن ) لعائشة سترت به جانب بيتها، فقال لها النبي r: ]أميطي - أزيلي - عني فإنه لا تزال تصاويره تعرض لي في صلاتي [ رواه البخاري .
20- أن لا يصلي في ثوب فيه نقوش أو كتابات أو ألوان أو تصاوير تشغل المصلي : فعن عائشة رضي الله عنها قالت : قام النبي r: ] يصلي في خميصة ذات أعلام - وهو كساء مخطط ومربّع - فنظر إلى علمها فلما قضى صلاته قال: اذهبوا بهذه الخميصة إلى أبي جهم بن حذيفة و أتوني بأنبجانيّه - وهي كساء ليس فيه تخطيط ولا تطريز ولا أعلام - فإنها ألهتني آنفا في صلاتي [ رواه مسلم.
21- أن لا يصلي وبحضرته طعام يشتهيه : قال r: ]لا صلاة بحضرة طعام [رواه مسلم.
22- أن لا يصلي وهو حاقن أو حاقب : لاشكّ أن مما ينافي الخشوع أن يصلي الشخص وقد حصره البول أو الغائط، ولذلك نهى رسول الله rأن يصلي الرجل و هو حاقن : أي الحابس البول، أو حاقب : و هو الحابس للغائط ، قال r : ]لا صلاة بحضرة طعام ولا وهو يدافعه الأخبثان [ صحيح مسلم ، وهذه المدافعة بلا ريب تذهب بالخشوع . ويشمل هذا الحكم أيضا مدافعة الريح.
23- أن لا يصلي وقد غلبه النّعاس: عن أنس بن مالك قال، قال رسول الله r: ]إذا نعس أحدكم في الصلاة فلينم حتى يعلم ما يقول [رواه البخاري .
24- أن لا يصلي خلف المتحدث أو النائم : لأن النبيr نهى عن ذلك فقال : ] لا تصلوا خلف النائم ولا المتحدث [ لأن المتحدث يلهي بحديثه ، ويشغل المصلي عن صلاته . والنائم قد يبدو منه ما يلهي المصلي عن صلاته . فإذا أُمن ذلك فلا تُكره الصلاة خلف النائم والله أعلم.
25- عدم الانشغال بتسوية الحصى : روى البخاري رحمه الله تعالى عن معيقيب رضي الله عنه: أن النبي r قال في الرجل يسوي التراب حيث يسجد قال : ] إن كنت فاعلا فواحدة [والعلة في هذا النهي ؛ المحافظة على الخشوع ولئلا يكثر العمل في الصلاة. والأَولى إذا كان موضع سجوده يحتاج إلى تسوية فليسوه قبل الدخول في الصلاة.
26- عدم التشويش بالقراءة على الآخرين : قال رسول الله: r ]ألا إن كلكم مناج ربه، فلا يؤذين بعضكم بعضا، ولا يرفع بعضكم على بعض في القراءة [ أو قال ( في الصلاة ) رواه أبو داود.
27- ترك الالتفات في الصلاة : لحديث أبي ذر قال: قال رسول الله r : ] لا يزال الله عز وجل مقبلا على العبد وهو في صلاته ما لم يلتفت ، فإذا التفت انصرف عنه [ وقد سئل رسول الله rعن الالتفات في الصلاة فقال: ]اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد [ رواه البخاري .
28- عدم رفع البصر إلى السماء : وقد ورد النهي عن ذلك والوعيد على فعله في قوله r : ] إذا كان أحدكم في الصلاة فلا يرفع بصره إلى السماء [ رواه أحمد ، واشتد نهي النبي r عن ذلك حتى قال:
] لينتهنّ عن ذلك أو لتخطفن أبصارهم [ رواه البخاري .
29- أن لا يبصق أمامه في الصلاة : لأنه مما ينافي الخشوع في الصلاة والأدب مع الله لقوله r: ]إذا كان أحدكم يصلي فلا يبصق قِبَل وجهه فإن الله قِبَل وجهه إذا صلى [رواه البخاري .
30- مجاهدة التثاؤب في الصلاة : قال رسول الله r : ]إذا تثاءَب أحدُكم في الصلاة فليكظِم ما استطاع فإن الشيطان يدخل [رواه مسلم .
31- عدم الاختصار في الصلاة : عن أبي هريرة قال: نهى رسول الله rعن الاختصار في الصلاة ـ والاختصار هو أن يضع يديه على الخصر ـ.
32- ترك السدل في الصلاة : لما ورد أن رسول الله r نهى عن السدل في الصلاة وأن يغطي الرجل فاه . رواه أبو داود . والسدل : إرسال الثوب حتى يصيب الأرض.
33- ترك التشبه بالبهائم : فقد نهى رسول الله r في الصلاة عن ثلاث : عن نقر الغراب وافتراش السبع وأن يوطن الرجل المقام الواحد كإيطان البعير، وإبطان البعير: يألف الرجل مكانا معلوما من المسجد مخصوصا به يصلي فيه كالبعير لا يُغير مناخه فيوطنه.
هذا ما تيسر ذكره من الأسباب الجالبة للخشوع لتحصيلها والأسباب المشغلة عنه لتلافيها والحمد لله و الصلاة و السلام على نبينا محمد